المخدرات، آفة العصر، ومعول هدم الشباب
أ. د/ صالح بن عبدالعزيز النصار
كلية التربية/ جامعة الملك سعود
في كل مرة تعلن فيها وزارة الداخلية عن ضبط كميات كبيرة من المخدرات بأنواعها المختلفة فإنها تدق ناقوس الخطر، وتعيد إلى الأذهان التحديات الخطيرة التي تواجه الشباب في هذا البلد، وأهمها استهداف عقولهم وأبدانهم بسموم المخدرات والمسكرات التي تحد من عطائهم، وتضعف مشاركتهم، وتسلب طاقتهم للمشاركة بفاعلية في مسيرة التنمية المباركة في المملكة.
إن الإدمان على المخدرات ليس مشكلة محلية، بل إنه من الظواهر الخطيرة التي تجتاح العالم في عصرنا الحالي، حيث تسبب المخدرات مشكلات عديدة في معظم بلاد العالم، وتكلف الدول خسائر بشرية واقتصادية كبيرة؛ ولذا، فقد أولتها الهيئات الدولية والإقليمية أهمية كبيرة، ورصدت الأموال واستحثت العقول؛ لمحاولة الوصول إلى حلول تحد من تفشيها وتزايدها المضطرد.
فالمخدرات بأنواعها تؤثر في الجسم والعقل بطريقة ما، حيث يمكنها أولاً أن تمنح المتعاطي أثراً ممتعاً وعابرا، ولكنها سرعان ما تسبب له ضرراً مستمراً في العقل وخللا دائما في الأعصاب؛ ويصبح المتعاطي أسيرا لهذا الإدمان، وباحثا عن مواد هذه السموم بأية طريقة أو وسيلة ممكنة، حتى لو اضطر إلى بيع أغلى ما يملك من مال وعرض ونفس. ويقدر البعض أن حوالي نصف ما يرتكب في المجتمع من جرائم يقوم بها الأفراد في حالات تعاطيهم، أو من أجل الحصول على المال اللازم للإنفاق على إدمانهم.ومن هنا تبدو أهمية وقوف جميع مؤسسات المجتمع وهيئاته وأجهزته المختلفة وقفة جماعية صلبة، يدا بيد مع وزارة الداخلية ممثلة في قطاعاتها الأمنية المختلفة، أمام هذا التحدي الخطير الذي أصبح يهدد المجتمعات البشرية النامية والمتقدمة على حد سواء في ظل الاتصالات السريعة، والحدود المفتوحة بين الدول التي أصبحت من العوامل الرئيسة في انتشارها.
ولكي تؤتي الجهود الأمنية ثمارها، فلابد من وقوف مؤسسات المجتمع المدني والقطاع غير الربحي مع هذه الحملات الموجهة ضد المخدرات والمسكرات، وأن تؤدي الجمعيات والمؤسسات الخيرية أدوارا أكثر التصاقا باحتياجات الشباب وأسرهم الراغبة في الحماية والاستقرار. ولعل أبرز هذه الأدوار تتمثل في مساعدة الأسر على كيفية التنشئة الاجتماعية السليمة للأبناء، وتنمية الوازع الديني في نفوسهم، وتعزيز مناعتهم الذاتية ضد كل أسباب الانحراف ، كما يجب أن تعمل مؤسسات القطاع الربحي على تقديم الدورات والبرامج التي تسهم في توجيه قدرات الشباب نحو أعمال نافعة ومفيدة، والاهتمام بمعالجة المشكلات الشخصية والاضطرابات النفسية لدى بعض الشباب مثل الخجل والخوف والإحباط، وسهولة الاستثارة، والقلق والاكتئاب والفشل في الدراسة أو العمل، وضعف أساليب مواجهة المشكلات، والبحث الطائش عن اللذة والنشوة، وبناء القدوة الحسنة.
كل ذلك، بهدف الوصول إلى شباب منتجين وفاعلين في منظومة التنمية المباركة في وطننا الغالي، وبعيدين كل البعد عن السلوكيات المنحرفة ومنها تعاطي المخدرات.
المصدر: